مقال للدكتور يوسف الطائي حول القيادة الروحية المستدامه وفق رؤية الامام الحسين عليه السلام

تعددت الانواع والممارسات القيادية منذ ادم عليه السلام ولحد الان وظهرت نماذج قيادية متعددة مثل النموذج القيادي لنبي الله آدم والنموذج القيادي لنبي الله ابراهيم والنموذج القيادي لنبي الله موسى وداود وسليمان وعيسى عليهم السلام ، وختمت هذه النماذج القيادية بالنموذج الذكي الاخلاقي الشامل والذي يتسم بالاستدامة اللانهائية المقترنة بالعلاقة الروحيه فيما بين الرعيه والقائد ، الذي تبلور ورأى النور على يد نبي الرحمه عليه وعلى آله الصلاة واتم التسليم ..
وهذه القيادة والعملية القيادية التي أرسى دعائمها النبي اريد له البقاء والاستدامة والاستمرارية الابدية ولابد ان يكون هنالك قادة لديهم القدرة على الالهام والصبر والتحدي والتضحيه من اجل ان يكون الاسلام نموذج واضح لقيادة الحياة قال الله سبحانه وتعالى ( إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ )) وفي موضع اخر (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ )).
يعني النبي افضل قائد للبشرية لنشر الاسلام ورسالته للناس كافة اذن هو قائد شمولي ويتمتع بمواصفات قيادية لا يمكن استنساخها او تقليدها وهذه القيادة هي مستدامه وهنا الاستدامة تتطلب قادة يعون ويفهمون الدور القيادي لهذه المهمة الكبيره وان يكون بمستوى مواصفات وخصائص نبي الرحمة .
لذا اختار النبي عليه وعلى آله الصلاة واتم التسليم القادة الذين يستطيعون قياده هذه الامه ، اول قائد اختاره لهذه المهمة الصعبه هو الامام علي عليه السلام اذ قال الرسول ((أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي)) وفي موضع اخر (( يا علي انا وانت أبوا هذه الامة )) قال الله سبحانه وتعالى (( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير)) وفي موضع اخر ((كنتم خير أمة أخرجت للناس )) لم يحدد الله سبحانه وتعالى امة بحد ذاتها والنبي ايضا لم يحدد امه بعينها او طائفة معينة او جنسية دون غيرها بل قال هذه الامه واصبح الامام علي عليه السلام ولي كل مسلم ومسلمه . يعني القيادة المستدامه ذات الهدف الواحد والشمولي تداولت بين قادة محددين دون غيرهم ومن قادتها هذه الايام تمر علينا ذكرى استشهاده امامنا الحسين عليه السلام اذ قال النبي ((الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا))
معنى ذلك ان القيادة تمثلت وانتقلت لهذين الامامين لقيادة المجتمع وفق الفلسفة الاسلامية التي خطها نبي الرحمة وبأمر من الله سبحانه وتعالى .
احبتي الاكارم لنتطرق لموضوع القياده الروحية المستدامه في فكر الامام الحسين في مقالنا هذا ولنتعرف على حجم العملية القيادية الروحيه الشاملة التي ألقيت على عاتق الامام الحسين عليه السلام ؟
بعض النفوس الضعيفه تقول لماذا الامام الحسين عليه السلام خرج على أمام زمانه ويقصدون هنا يزيد بن معاويه لعائن الله عليهم . والمتعارف ان اي امه وفق الفلسفة الاسلاميه لابد ان يكون لها قائد عادل او امام واحد قادر على ادارة الامه بانصاف وحكمه ، ونركز على كلمة واحد لان القياده لا تقبل القسمه على اثنين ، والقائد الشرعي المنصب من الرسول هم العتره الطاهره والحسين احد أجزاء هذه السلسلة الطاهره ، وهو القائد الريادي الذي قارع الظلم والطغيان ،
لماذا الله سبحانه وتعالى اراد القياده الاسلاميه ان تكون مستدامه وان يحمل لوائها ناس معينين دون غيرهم .
بكون المواصفات والخصائص القياديه والشخصية الكارزماتيه تمثلت بهؤلاء دون غيرهم لان تأثيرهم مستدام عكس باقي القيادات يكون تأثيرها محكوم بفترة زمنيه وافراد محددين ومنطقة جغرافيه معروفه وتنتهي حال تحقيق الهدف ، في القيادة الروحيه المستدامه الاسلاميه لا يحدها زمان او مكان او تقتصر على افراد محددين وهذا ما يميز هذه القيادة العالميه بالتفرد والتميز وانتشارها عالميا ولو كره المنافقون والكافرون .
لذا الامام الحسين عليه السلام انتهج عمليه قياديه مستدامه انبثقت من القيادة النبويه المرتبطه بعلاقة روحيه لا يفهمها ألا من انصهر بحب النبي وآل بيته ونستطيع ان نسميها القيادة الحسينية الاصلاحية المستدامه ، والتي اراد منها ان تكون فلسفة اصلاح شامله على مر العصور وصرخه بوجه الظلم وهنا قد يتسائل سائل ما هي ابعاد هذه القياده ويمكن تحديدها بالاتي.
1- الايمان المطلق بالرساله الاسلاميه وقيادته للحياة والمجتمع
2- العقيد الثابته في التضحية من اجل قيادة المجتمع نحو الصلاح
3- الاصلاح المستدام وبكافة مستوياته.
4- الرؤية المستقبليه المستدامه في كيفية بناء المجتمع .
5- الحكمة المستدامه المستنبطة من قيادة الامام الحسين عليه السلام .
6- قوة الشخصية الملهمة وذات الاستدامة والمؤثره في اناس لم يعيشوا او يتعايشوا مع الامام الحسين عليه وهذا نابع من التأثير الروحي .
7- الايثار والشجاعة والثبات والتوازن القيادي في المواجهة او المنازلة في معركة الطف والتي حددت معسكر الخير ومعسكر الشر .
8- الحنكة والتخطيط الاستراتيجي والتفكير الاستراتيجي المستدام لما ستكون عليه هذه القياده .
9- اضحت سراج منير لكل من يريد الاصلاح الاداري والاقتصادي والسياسي
والديني بمعنى اخر الاصلاح الشمولي .